السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد غياب طويل عن قسم صحتك النفسية في المدونة بسبب الانشغالات الكثيرة سنعود ان شاء الله لنكمل نقاشنا. في البداية دعونا نسترجع سويا مفاهيم أساسية سبق وتحدثنا عنها في الأجزاء السابقة
الصحة النفسية : هي قدرة الفرد على التكيف في كل الظروف وفي كل زمان ومكان.
المرض النفسي (العصابي neurosis) : هو مقدرة الانسان على الاستبصار لشكوى نفسية لم تصل لدرجة شلله الاجتماعي والحياتي , ويكون لديه مقدرة على الاستبصار (insight) والدافعية للبحث عن العلاج.
المرض العقلي (الذهاني psychosis ): حيث يفتقر الانسان للاستبصار مما يؤدي الى شلله الاجتماعي والفكري والحياتي ويضطرب تفكيره وتهاجمه الضلالات والهلاوس فلا يبحث عن العلاج واخطر هذه الامراض ما يشكل بها المريض خطرا على نفسه والاخرين ويخرج عن المألوف.
المريض النفسي : فهو هذا الانسان الضعيف الغير قادر على الوصول للاخرين لكي يشرح موقفه الصعب وأزمته العاتية مع الحياة فهو قد فقد طريق الوصول وامكانية التواصل مع من حوله من قريب أو بعيد أو أكثر من هذا، فهو قد فقد القدرة على جمع شتات نفسه وعلى تألف مكونات شخصيته من الفكر والعاطفة والسلوك والارادة ببعضها البعض فأصبح بذلك مبعثر الكيان متناثر البنيان.
العلاج النفسي : هو مداواة النفس بالاتصال اللفظي أو الوسائل الأخرى.
و موضوع هذه التدوينة هو
الاكتـئـاب النفسي
لكل فرد قدرته وطاقته على الاحتمال وتختلف هذه القدرة من شخص لآخر تبعا لعدة عوامل منها البنية الجسدية والنفسية لهذا الشخص بالاضافة الى العوامل الوراثية التي تتورث من جيل لآخر… فاذا ما عجزت أعصاب هذا الانسان ونفذت قدرته على احتمال ضغوطات الحياة اليومية، جعلت منه انسانا مشلول الارادة غير قادر على مواجهة المواقف ومواجهة ظروف هذه الحياة فيبيت هذا الانسان في اطار المرض النفسي “الاكتئاب”…
الاكتئاب هو مرض العصر الذي لا يعرف صغيرا ولا كبيرا … هو ذاك المرض الذي يتفشى في جسد وروح الانسان مسببا له أبشع درجات المعاناة ويمكن أن يصيب هذا المرض الذكور أو الاناث.
بعض أعراض مرض الاكتئاب
-
الميل الى الوحدة
-
فقدان الأمل
-
ققدان القدرة على الاسترخاء
-
فقدان الشهية وهبوط في الوزن
-
الأرق
-
التفكير في الموت والانتحار
الأسباب وراء هذا المرض
لا يمكن تعداد أسباب معينة لهذا المرض ولكن يمكننا أن نقول أن الأسباب تندرج تحت أسباب (عضوية، نفسية، اجتماعية، بيئية، وراثية )
الأسباب العضوية ويكون سببها اختلال وتغيرات في كيمياء المخ مثل مادة نوربينفرين أو السيروتونين أو مادة النورادرينالين اما عن زيادة أو عن نقص.
الأسباب النفسية وتتغير هذه الأسباب تبعا لشخصية الفرد فتكون الشخصيات الأقل واقعية التي تطمح دائما للمثالية والكمال هم الأشخاص الأكثر عرضة لهذا المرض والشخصيات الأكثر تفكيرا وخوفا من المستقبل أو الأشخاص أصحاب النظرة الجد تشاؤمية للحياة.
الأسباب الاجتماعية والبيئية مثل عدم التكافؤ بين التضخم السكاني وتناقص الموارد، زيادةهموم الحياة ، الأزمات السياسية ، كثرة التعرض للعنف والتعرض للاعتداء النفسي والجسدي، الأحداث المفاجئة سواء سارة أو محزنة أو الخوف من المستقيل أو المجهول.
الأسباب الوراثية وتعتبر من العوامل الأساسية بحيث أن بعض الجينات هي أكثر استعدادا للإصابة بهذا المرض، واصابة أحد الوالدين بهذا المرض يعني احتمال اصابة الاطفال بالمرض، وتزداد هذه النسبة اذا كان كلا الوالدين مصابين بحيث تصل الى 50 % من احتمال الاصابة. ويمكن أن يلازم هذا المرض بعض الأشخاص منذ طفولتهم خاصة اذا أُفسح المجال أمام المرض النفسي بالنمو والزياده نتيجة الاهمال في التربية وعدم الاهتمام بالطفل.
علاج الاكتئاب
يكون اما بــ:
العلاج الدوائي باستخدام العقاقير المضادة للاكتئاب أو بواسطة الصدمات الكهربائية، ولا يمكننا تجاهل الآثار السلبية للأدوية مثل انخفاض ضغط الدم وزياده الوزن وتغير في ضربات القلب …اضافة الى أن هذه الأدوية تخفف الألم ولا تعالج المشكلة الرئيسة وأسبابها.
أو بــ:
العلاج النفسي الذي يبحث عن جذور المرض ليستأصلها وهو العلاج الأنجح والأكثر فعالية.
ويمكن ان يكون علاجا نفسيا ودوائيا معاً.
بعض القواعد لتجنب الاكتئاب
- الابتعاد عن الأفكار المثالية والأحلام التي لا يمكن تحقيقها.
- اتمام العمل الذي تقوم به بكل دقة واتقان.
- تجنب الفشل ووضع أمل أكبر على النجاح بالعمل والجد والصبر.
- عدم التخيل والاواقعية في النظرة الى المستقبل وعدم التفكير بما هو أكبر من طاقتك على الفهم والادراك.
النقاش
- نظرة الاسلام الى اسباب الاكتئاب وعلاجه لمثل هذا النوع من الأمراض؟
- الانتحار بسبب الاكتئاب الذي بات ذو نسب عالية خيالية في الدول الغربية ونظرة المجتمع الاسلامي والعربي له؟
- كيف يمكننا بشكل عملي تجنب هذا المرض والحد من الأسباب المسببة له او التأقلم مع مثل هذه الأسباب؟
- التوعية والثقافة في الصحة النفسية وأهميتها في الحد من هذا المرض وعلاجه في الوقت المناسب لان معظم الحالات التي تصل الى المعالجين هي حالات متأخرة بسبب قلة الوعي وعدم المعرفة بأن هذا المرض هو مرض نفسي وليس مرض جسمي.
** ونرحب أيضا بأية اضافات على الموضوع بشرط ان تكون من مصادر موثقة ومنقحة.
المرجع / كتاب “صحتك النفسية” للأخصائي النفسي “حبيب الحواجري”
ولكم مني أطيب التحية وأتمنى أن يستفيد الجميع من هذه التدوينة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته